
تكلفة التعبئة العسكرية الروسية في أوكرانيا وتأثير العقوبات الغربية بسبب الحرب سوف تؤدي إحداث فجوة كبيرة في الميزانية الحكومية، وإستنزاف إحتياطيات الحكومة النقدية إلى أدنى مستوى لها منذ سنوات، بحسب محللين تحدثوا لوكالة رويترز.
هذا الأمر سوف يشكل ضغطًا أكبر على موارد الحكومة الروسية، حيث يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلى تمويل صراع لا نهاية له في أوكرانيا، حيث يستعد لإنتخابات رئاسية في عام ٢٠٢٤.
بعد مرور ثمانية أشهر على الحرب في أوكرانيا، وضعت الحكومة الروسية ميزانية لسنة ٢٠٢٣، التي ( لم تتضمن تكلفة إستدعاء ٣٠٠,٠٠٠ جندي إحتياط للعملية العسكرية في أوكرانيا )، ضم روسيا المعلن لأربع مناطق أوكرانية، وكذلك الجهود الغربية للحد من أسعار صادرات الطاقة الروسية.
في حين أن الإقتصاد الروسي صمد في البداية ( بداية فرض العقوبات )، لكن بدأ تأثير ذلك في الظهور – بحسب تقييمات المحللين المستقلين من خارج روسيا، وكذلك في تقييمات الحكومة الروسية نفسها.
ألكسندرا سوسلينا Alexandra Suslina، وهي محللة مستقلة، قالت لوكالة رويترز :-
تم حساب توقعات الإقتصاد الكلي، التي تستند إليها الميزانية، قبل التعبئة العسكرية، ولا تأخذ بنظر الإعتبار العقوبات الجديدة وبالتالي فهي لا تعكس الواقع
تنتهي ولاية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الحالية ( الرابعة كرئيس )، في عام ٢٠٢٤، ولم يقل بعد ما إذا كان سيرشح نفسه مرة أخرى – وهي عملية من المُحتمل أن تنطوي، وفقًا للحملات الرئاسية السابقة، على جذب الناخبين بوعود بإنفاق المزيد على الأجور والرعاية الإجتماعية والمعاشات التقاعدية.
قال المتحدث بإسم الحكومة الروسية، ديمتري بيسكوف Dmitry Peskov، للصحفيين يوم الأربعاء، إن الرئيس فلاديمير بوتين لم يقرر بعد ما إذا كان سيرشح نفسه في عام ٢٠٢٤، ولكن الإلتزامات الإجتماعية للدولة أولوية مطلقة.
تقدر التوقعات الرسمية الروسية، أن الناتج المحلي الإجمالي GDP، سينخفض بنسبة ٠.٨ ٪ العام المقبل ( ٢٠٢٣ ).
لكن، يرى إستطلاع أجرته وكالة رويترز للمحللين، أن الإقتصاد الروسي سوف ( ينكمش ) بنسبة ٢.٥ ٪.
و يتوقع ( البنك الدولي ) إنكماشا بنسبة ٣.٦ ٪.

تتوقع وزارة المالية الروسية، أن يتضاعف عجز الميزانية الحكومية العام المقبل ( ٢٠٢٣ ) إلى ( ٣ تريليون روبل ، أو ٢ ٪ من الناتج المحلي الإجمالي GDP ).
يتوقع المحللون في البنك الحكومي الروسي VTB العجز ( مابين ٤ -٤.٥ تريليون روبل ).
تتوقع الحكومة الروسية، أن تبلغ عائدات تصدير الطاقة ( النفط والغاز ) بـ ( ٩ تريليون روبل للعام المقبل )، أو ( ثلث إجمالي الدخل للحكومة ) – وهو تقدير يقول محللون إنه متفائل للغاية، بوجود العقوبات القادمة على واردات الطاقة الروسية، التي تبدأ في شهر ( كانون أول / ديسمبر ٢٠٢٢، والسنة القادمة ٢٠٢٣ ).
قال خبير إقتصادي في شركة مالية غربية لوكالة رويترز:-
وزارة المالية الروسية تتوقع أشياء غير موجودة، مثل الدخل من تصدير الطاقة، وهي لاتتوقع إنها ستتأثر بالعقوبات !
مثلا، تواصل روسيا إنتاج نفس الكمية من النفط مع إستمرار الطلب !
مع قطع أوروبا العلاقات مع روسيا، تخاطر روسيا بخسارة ٥٥ ٪ من صادراتها من الطاقة، أو أكثر من ٨٠ مليون طن، العام المقبل، بحسب تقديرات الحكومة.
أنخفضت صادرات غازبروم – الشركة الحكومية الروسية، من الغاز بنسبة ٤٣ ٪ ( للفترة من كانون الثاني / يناير إلى تشرين أول / أكتوبر ٢٠٢٢)، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وزارة المالية الروسية ترى أن الإيرادات غير المتعلقة بصادرات ( الطاقة)، أو تلك المتعلقة بالنشاط الإقتصادي، ستبلغ ١١.٥ ٪ من الناتج المحلي الإجمالي GDP في عام ٢٠٢٣، بزيادة حوالي ٧ ٪ عن هذا العام، ( بنفس مستويات ما قبل وباء فيروس كورونا ).
لكن، المحللين يقولون إن هذا غير واقعي.
ألكسندرا سوسلينا Alexandra Suslina، وهي محللة مستقلة، قالت لوكالة رويترز:-
سينخفض الطلب الإستهلاكي، وسيشتري الناس كميات أقل وأرخص وأقل جودة للمواد- وبعد ذلك سيتعين عليهم مراجعة توقعات الدخل من غير واردات صادرات الطاقة
أنهت الحكومة الرروسية، هذا الأسبوع، رسميًا، ما وصفته بالتعبئة الجزئية، ولكن لا يزال حوالي ( ٣٠٠,٠٠٠ جندي إحتياط ) منذ أيلول / سبتمبر ٢٠٢٢، في الوحدات العسكرية، مما سيضر كذلك بالنشاط الإقتصادي.
قد يؤدي إنخفاض النشاط الإقتصادي والواردات الضعيفة إلى تحصيل الحكومة الروسية ( حوالي تريليون روبل أقل سنويًا من ضريبة القيمة المضافة )، وهو الدخل الرئيسي من غير صادرات الطاقة، وفقًا لدراسة مشتركة أجرتها أكاديمية الرئاسة الروسية رانيبا ومعهد جايدار – Russian Presidential Academy Ranepa and the Gaidar Institute.
يقدر ( ديمتري بوليفوي Dmitry Polevoy)، مدير الإستثمار في ( شركة لوكو إنفزت Locko Invest للسمسرة ومقرها العاصمة الروسية – موسكو )، أن المدفوعات لأولئك الذين تمت إستدعاءهم للتعبئة – بما في ذلك الرواتب الأعلى من المتوسط والتعويضات في حالة الإصابة أو الوفاة – قد تصل إلى ما بين ( ٩٠٠ مليار روبل و ٣ تريليون روبل في منتصف العام القادم وحده ).
قال وزير المالية الروسي، أنطون سيلوانوف Anton Siluanov، دون إعطاء تفاصيل، للمشرعين الروس الأسبوع الماضي، إن الميزانية تسمح (لنا) بالوفاء بجميع الإلتزامات الاجتماعية دون الإضرار بإستقرار الإقتصاد الكلي.
يقول المحللون، إن لدى روسيا خيارات قليلة لسد عجز الميزانية، حيث أضرت ( العقوبات والعقوبات المضادة ) بقدرة المستثمرين الأجانب على الإستثمار في سندات الروبل المحلية، وتستنزف وزارة المالية بالفعل موارد صندوق الثروة الوطني (NWF).
نظرًا لأن روسيا بدأت بشكل كبير في إنفاق أموال صندوق الثروة الوطني – NWF على كل شيء، من الدعم الإقتصادي إلى المدفوعات الإجتماعية، تتوقع وزارة المالية الروسية، أن تنخفض موارد الصندوق إلى ( النصف ) – أو ٦.٢٥ تريليون روبل / ما يعادل ٤.٢ ٪ من الناتج المحلي الإجمالي GDP- وهو أدنى مستوى له منذ ٢٠١٨ – بحلول نهاية العام المقبل ( ٢٠٢٣ ).
قال محللون في الجامعة المالية Financial University في مذكرة حديثة:-
الخطر الرئيسي في الميزانية وسط ضغوط العقوبات الكبيرة … هو صرف كامل موارد صندوق الثروة السيادي – NWF ، مما قد يقوض بشكل كبير إستقرار الميزانية الإتحادية ونظام الميزانية ككل
إذا أنخفض صندوق الثروة السيادي إلى ( ٥.٩٥ تريليون روبل / أو ٣.٧ ٪ من الناتج المحلي الإجمالي )، بحلول نهاية عام ٢٠٢٤، فسيكون مقدار النقد المتبقي ( أصغر إحتياطيات لروسيا في العقدين الماضيين )، وفقًا لتعليقات خاصة بديوان الرقابة Audit Chamber في الحكومة الروسية.
مصادر تمويل عجز الميزانية أصبحت الآن أكثر ندرة من أي وقت مضى، آمل بشدة أن تتجنب وزارة المالية الروسية عملية ( طباعة النقود ) المفرطة
ألكسندرا سوسلينا Alexandra Suslina، وهي محللة مستقلة






